الأحد، 16 مايو 2010

حين يصبح التلميذ هو المعلم !


في إحدى حصص التربية الاسلامية شرحت لطالبات الصف الخامس الابتدائي حديث ( إنما الأعمال بالنيات॥)ذلك الحديث الذي لا يكاد يوجد مسلم من عوام المسلمين لا يحفظه عن ظهر قلب ، بل ويعرف راويه الصحابي الجليل : عمر بن الخطاب ، وقد انتشر هذا الحديث لعدة أسباب ।منها أنه من أساسيات الدين ، وعليه يحكم على العمل بالصحة والقبول ॥كما أنه في باكورة الأربعين النووية المشهورة ।وعوداً على بدء ، فقد كنت أرى سهولة شرح هذا الحديث ، لاعتقادي بمعرفتنا جميعاً لمضمونه ومقصوده ॥لكن ما أبهرني حقاً هو تفاعل الطالبات الغير متوقع بهذه الصورة مع مفهوم النية والاخلاص لله في العمل ..لم أكن أحتاج إلى إعطاء أمثلة ، الطالبات كن يأتين لي بأمثلة جلية واضحة ، تفهمني أنا معلمتهن ما كنت أظن أني أفهمه حق الفهم ..تحدثن مثلاً عن أهمية أن ينوين بذهابهن إلى المدرسة يومياً عدة نوايا:واحدة تقول لحديث : (طلب العلم فريضة)وأخريات ينظرن إلى ثمار المستقبل: المدخول المادي لمساعدة الوالدين والفقراء، تعليم الآخرين ، إعانة المرضى والضعفاء في حال عملهن طبيبات أو ممرضات، النهوض بالوطن والأمة الاسلامية......أخرى ترى في ذهابها للمدرسة إسعاداً لوالديها اللذان يفرحان بنجاحها وتفوقها..وأخرى تنوي كل يوم مساعدة زميلاتها ومدرساتها إحدى الطالبات رفعت يدها تريد الحديث حيث استنكرت حفظ القرآن طلباً للجوائز أو الشهرة بين الناس ।وما أثار إعجابي حقاً إحدى الطالبات التي لحقتني بعد أن خرجت من الفصل (حيث دق الجرس وأنا أستمع إلى هذا الحوار الشيق) قالت لي بكل أدب ( ممكن تعطيني يا أبلة من وقتك خمس دقائق)!!، نظرت إلى الساعة ، وطبعاً لم أكن بعد أسلوبها المغري لأرفض الاستماع إليها ..قالت ( برجاء) : نحن مجموعة من الطالبات اتفقنا على تمثيل مشهد عن النية ..طلبت منها بعض التفاصيل-كانت القصة بسيطة لكن الفكرة مهمة لم أتنبه إليها خلال تحضيري للدرس :(طفلة تحدث أمها عن رغبتها في الصدقة لمشروع ما في المدرسةفتعطيها مبلغا تضعه الطفلة تحت وسادتهاوفي الصباح تستيقظ الطفلة وتهرع الى المدرسةحين تصل ترى زميلاتها يتبرعن للمشروع ، أما هي فقد نسيت المال تحت الوسادةزميلاتها يسخرن منها ولا يصدقنها حين تقول أنها نسيت الماللكنها تبتسم بثقة ، كل هذا لا يهمها ، فهي تعلم أن الله قد أثابها لنيتها الصادقة)أخذت أفكر في آخر عبارة وهي تودعني راجية مني قبول تمثيلهن للمشهد..أخذت الأفكار تدور في رأسي جيئة وذهابا حتى كدت أصاب بالدواركم من عمل صالح أضعناه بسوء نوايانا .. وكم من نية صالحة لم يصاحبها عمل كانت خيرا من أعمال كثيرة للشيطان فيها مدخل وللخلق فيها نصيب ..أيقنت أن الاخلاص سر من أدركه أدرك الخير كله ..جلست على مكتبي أفكر ووضعت عدة التدريس جانبافقد أعطتني طالباتي درسا لا ينسى في ( الأعمال بالنيات)!!ً

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق