الجمعة، 14 مايو 2010

قبل أن يغلق ألبوم الصور !


أخذت تتأمل جيداً في تلك الصورة التي انتهت إليها صفحات الألبوم ...تنظر إليها من زوايا متفرقة ..تكاد تمتزج بألوانها وتستمع إلى أصوات العصافير في ثناياها..لا زالت تتذكر جيداً ذلك اليوم الذي التقطت فيه تلك الصورة ، كانت طالبة في الصف السادس الابتدائي ..ظفيرتاها الجميلتان ..ومريولها المدرسي ذو اللون الداكن .. وبريق عينيها الذي يوحي بروح صافية ومشاعر هياجة ... وابتسامة وردية ابتسمتها على عجل ..لا زالت تذكر المكان الذي التقطت فيه الصورة ..في ناحية من فناء منزلهم السابق الذي كان يقع في إحدى أحياء الدوحة الداخلية الهادئة ..والذي أصبح اليوم نابضاً بالحركة ومكتظاً بالناس والأسواق ..تظهر في خلفية الصورة أغصان شجرة السدرة التي كانت معلماً من معالم منزلهم الصغير .. وكم كانت مسرحاً حافلاً بالذكريات ..كل شيء في الصورة بسيط ..واعتيادي..لكن دمعة حرى لم تطق الاختباء بين أجفان هند .. فسقطت مباشرة وهي تدل طريقها إلى وجه صورة هند ..شيء ما في الصورة غير موجود ..وربما يكون أهم ما في الصورة .. في منظور هند (على الأقل )!! ولكنه اختفى خلف الكاميرا ..إنها اليد التي التقطت الصورة ..ليست كأي يد ..تذكرت هند كيف حاولت أمها جاهدة أن تزرع على شفتي ابنتها هند ابتسامة تجعل من الصورة أجمل ..تذكرت كذلك أن آخر ما تتذكره من تلك الصورة ابتسامة أمها الحنونة ..ذلك قبل أن يغطي فلاش الكاميرا على كلتا الابتسامتين !!تمنت هند لو أعادت الأيام نفسها فجاءت نفس اليد الحانية لتلتقط صورة وترسم ابتسامة ..بل تمنت أن تمسك بتلك اليد الحبيبة فتضمها إلى صدرها .. تمسح بها دموعها .. وتقبلها مرات عدة قبل أن ترجعها مرة أخرى إلى صدرها ..ولا تدعها أبداً ..تمنت أن تعتذر لها عن كل زلة .. كل كلمة .. كل تعب .. كل عتب..تمنت أن ترتمي في أحضان أمها (صاحبة اليد ).. تشكو إليها همومها ..تحكي لها عن أفكارها وآمالها وأحلامها ..تمنت .. وتمنت ..ولكنها أدركت أن ليست كل الأماني تتحقق ..أطرقت برأسها .. ورفعت يديها ..سألت الله بقلب صادق خاشع أن يرحم أمها ..أن يجمعها بها في الفردوس الأعلى ..وأن يغفر لها كل تقصير في حق والدتها ..قطع عليها تأملها صوت إحدى الصويحبات منادية :هيا يا هند .. نحن في انتظارك.. ولا يجدر بك أن تتأخري أكثر من ذلك .. فالقاعة كلها متلهفة لرؤيتك ..ألقت هند نظرة أخيرة على الصورة وهي تخاطبها :سامحيني يا أماه ..فلقد كنت دوماً أقرب إلى عقوقك من برك ..سامحي طفلتك ..التي هي اليوم عروس في ليلة زفافها..كم تمنيت أن تكتمل الفرحة بوجودك جانبي ..ولكن ! في الليلة الظلماء يفتقد البدر..سقطت دمعة أخرى من عيني هند ولكن هذه المرة على الأرض ..فقد أغلقت ألبوم الصور ..وهي ترجو الله أن لا يغلق باب الجنة دونها ..قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم :(الوالد أوسط أبواب الجنة فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق